النيابة العامة: رصدنا للوقائع الإجرامية هدفه الحد من انتشارها
كتب رمضان أحمد موقع السلطةأكدت النيابة العامة من خلال متابعتها عن كثب للتعليقات الواردة على بياناتها، أنها لمست خلال الفترة الأخيرة أن الصورة الغالبة فيها تميل إلى بعث روح اليأس والقنوط بين الناس، سواء بقصد أو بحسن نية أو بسبب ميل البعض بطباعهم إلى تضخيم الأمور وإطلاق السلبيات.
وأوضحت النيابة العامة في بيانها، مساء اليوم الأربعاء، أن ذلك صور أن المجتمع المصري تتفشى فيه جرائم بالغة الخطورة، ما قد يستثمره أعداء الوطن من المستيئسين والمقنطين المتكاسلين عن إصلاح وإعلاء شأن تلك الأمة.
وأكدت النيابة العامة أنها ما كانت لتكشف عن تلك الوقائع في بياناتها إلا بعد أن تداولها العامة وغير المتخصصين مما قد يؤثر فيها؛ فآثرت حماية التحقيقات فيها، ودحض الشائعات والأخبار غير الدقيقة التي قد تطولها فتصورها في غير صورتها الحقيقية، مما يسهم أساسا في حماية الأمن القومي الاجتماعي.
وتابعت في بيانها: لا يعني تناولنا لتلك الوقائع أنها تعكس صورة كلية للمجتمع المصري وأن الجريمة متفشية فيه، بل إن رصد وتحليل «النيابة العامة» لتلك الوقائع الإجرامية وهذا التحفيز العام الذي تنشده؛ إنما تهدف من ورائه إلى تنبيه الناس ليأخذوا حذرهم منها، فيحد هذا من انتشارها، ووادها في مهدها، كما توأد الحشرات الضارة للزرع النافع في بدايته حتى لا تستشري وتفسد سائر الحصاد.
وأشارت إلى أن الإعلان عن تلك الجرائم هو دافع لكل الجهات والمؤسسات وكافة المواطنين لكي يقبلوا حثيثا بهمة وعزيمة على إصلاح أنفسهم وحماية أهليهم، ف«كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وإن السكوت النهائي عن الوقائع القليلة في المجتمع يجعل المغرضين والأعداء يهولون منها، بينما الكلام عنها بصدق وأمانة، ووضعها في موضعها الصحيح، مع تبصير الناس وتحفيزهم لرعاية أنفسهم؛ يحد من هذا التهويل، وكذا يمنع التهوين منها الذي تستشري به الآفات عندما نغض الطرف تماما عنها، فالوسط بين التهويل والتهوين هو الذي تحرص عليه «النيابة العامة» في بياناتها، وإذا ما ارتأت أن الأمر زاد عن هذا الحد مما يوجب التحذير بما هو أكبر من إصدار البيانات في هذه الجرائم، لصدقت المجتمع وحذرته، وكانت أول المواجهين لتلك الجرائم بحزم.
ولفتت النيابة العامة في بيانها إلى إنها تبشر المجتمع المصري العريق الذي تشرف بالنيابة عنه بأن هذه الوقائع لا تمثل في الإحصاء العام للجريمة في مصر أي نسبة ملحوظة تثير المخاوف حول أمن مصر الاجتماعي القومي، بل إن كل واقعة ذكرت في أمور مست المجتمع في دينه وآدابه وثقافته وحرماته، هي في الحقيقة محاطة بمجموعة كبيرة من الظواهر الإيجابية، من حيث سرعة الإبلاغ عنها، وتقديم الشهادة الصادقة فيها، وسرعة ضبطها، وملاحقة مرتكبيها، بعدما كانت تلك الأمور أسرارا لا يبوح بها الكثير في عقود مضت، فمجرد إظهار تلك الوقائع يحمل في حد ذاته إيجابية كبيرة من حيث إتاحة الفرصة للتصدي لها.
ونوهت بأنها لا تغفل عن النسب الثابتة بين المبلغ عنه من أي جريمة، وبين حقيقة ما يقع منها كما وكيفا في المجتمع مما قد لا يبلغ عنه، وتراعيها في تحليلاتها، فتنشر منها إجمالا ما ينفع الناس، وتحيط بها تفصيلا المؤسسات المعنية لحفظ المجتمع وإصلاح شئونه، ومع ذلك تظل هذه النسب المعلنة أو المسكوت عنها أقل بكثير مما هي عليه في أمم كثيرة من حولنا، ولكن تلك الإحصاءات لا يذكر منها إلا نتائجها العامة حماية لأمن مصر القومي الاجتماعي ولكثرة أعدائها.
وفي سياق متصل، لمست «النيابة العامة» في المجتمع المصري العديد من الإيجابيات خلال الفترة الأخيرة خاصة في ظل أزمة الوباء الذي اجتاح العالم أجمع، إذ انخفضت معدلات جرائم كثيرة مما ينتشر في مثل هذه الأزمات، وزاد وعي الناس مما ساعد على وأد الكثير من تلك الجرائم قبل وقوعها، فالأمم يعرف تماسكها الاجتماعي في أزمنة الضيق والنوائب، وانتشار الأوبئة ونزول الشدائد، ولقد كان الشعب المصري وسيظل في كل وقت وحين معدنا أصيلا ومثلا عظيما يحتذى به، فالمجتمع المصري في أمان، وضميره العام ضمير حي.
وأكدت «النيابة العامة» أن بناء الإصلاح وحماية الأمن الاجتماعي القومي لهو أمر يومي ضروري يقوم به الجميع كل في نطاق اختصاصه، وأنها بصفتها نائبة عن المجتمع وشعبة أصيلة من القضاء مجردة عن الهوى لهي حارسة للقيم الاجتماعية وليست فقط متعقبة للجناة في الجرائم الجنائية، وتلك الحراسة والعناية يقوم بها مجموعة مخلصة من رجال القضاء من أعضاء «النيابة العامة» هم نواة القضاء العادل ووكلاء شرفاء عن هذا المجتمع.
وناشدت النيابة العامة المجتمع المصري العريق الاعتصام بالخلق الحميد وما ورثه من اعتدال في معتقداته الدينية ولحمته ونسيجه الاجتماعي المترابط منذ نشأته الأولى، هذا النسيج الذي صعب على الجميع اختراقه أو تفتيته أو نشر روح اليأس فيه، فحافظوا على ذلك.
وتابعت: هنيئا لكم بمجتمعكم وأمنكم المحفوظ بتغلغل الدين الصحيح المعتدل فيه بين مسلمي ومسيحيي تلك الأمة، محفوظا بالوسطية في كل الأمور، والمبادرة بالتصدي لما يمس الأمن القومي الاجتماعي من خطر وشرور.
واختتمت بيانها قائلة: «اعلموا أننا بفضل ورعاية الله جل جلاله أمة تعرف قدرها، وأنها داعية إلى السلام، ودعاة السلام لا يسلمون من قوى الشر التي تسعى لتدميرهم من الداخل، فدعوكم من الآراء والأصوات المهولة والمهونة، اتبعوا مؤسساتكم فهي الدقيقة صاحبة الحقيقة».