علماء الأزهر والأوقاف: الإحسان إلى الجار في كف الأذى عنه والصبر عليه
ماهر فرج موقع السلطةانطلقت قافلتان دعويتان مشتركتان بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى محافظتي: (بني سويف والفيوم )، اليوم الجمعة 22/ 7/ 2022م وتضم كل قافلة (عشرة علماء): خمسة من علماء الأزهر الشريف، وخمسة من علماء وزارة الأوقاف، ليتحدثوا جميعًا بصوت واحد حول موضوع: "الجار مفهومه وحقوقه".
الجار مفهومه وحقوقه
وقد أكد علماء الأزهر والأوقاف على أن الإحسان إلى الجار قيمة نبيلة توثِّق أواصر المحبة والألفة، وتشيع روح التعاون والتكافل، وتنشر الاستقرار بين أفراد المجتمع؛ لذلك اهتمت الشريعة الإسلامية بالجار اهتمامًا عظيمًا، فأوصت بحقه، وعظَّمت حرمته إلى حدٍّ جعل نبيَّنا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "مَا زَالَ جِبْرِيلُ يوصيني بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ"، ولا شك أن مفهومَ الجوار يتَّسِعُ ليشمل الجار في المنزل، والجار في العمل، والجار في السفر، حيث يقول الحق سبحانه: "وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا".مؤكدين أن حق الجار حق أصيل في الإسلام، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) في حق الجار وشأنه: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ"، أي: شروره، ويقول (عليه الصلاة والسلام): "مَنْ كَانَ يُؤْمِن ُبِالله ِوَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ".
موضوعات ذات صلة
- تبدأ الأحد.. جدول امتحانات الدور الثاني لصفوف النقل الابتدائي والإعدادي الأزهري 2022 بعد التعديل
- وفاة الشيخة مثايل آل خليفة.. خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك البحرين
- الأزهر: السبت إجازة وترحيل مواد الامتحانات إلى الخميس 28 يوليو
- «الأزهر»: 10 حالات تبيح للمرأة طلب الطلاق.. منها امتناع الزوج عنها 4 أشهر
- انتهاك لحرمة الميت.. أحمد كريمة: نبش مقابر الفراعنة وعرض المومياوات داخل المتاحف حرام
- عاجل .. وزيرا الأوقاف والطيران يوقعان بروتوكولا اليوم لتعزيز دور مصر في نشر صحيح الدين
- حسام موافي: شيخ الأزهر أشرف واحد في مصر
- المفتي: الإخوان حاولوا السيطرة على الأزهر وباءوا بالفشل
- وزير الأوقاف خطيب الجمعة بمسجد الحسين.. و«الشرقاوي» قارئا
- فرائض الإسلام وغايتها موضوعًا لخطبة الجمعة اليوم في المحافظات
- الإمام الأكبر يأمر بصرف إعانات مالية عاجلة.. والجامعة تعلن جاهزيتها لاستقبال المصابين
- الأوقاف تعلن عن ثالث مائة مسجد تطبق الدروس المنهجية .. تفاصيل
وقالوا أن من حسن أدب الإسلام في التعامل مع الجار قول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "وَإِذَا اشْتَرَيْتَ فَاكِهَةً فَأَهْدِ لَه [أي: للجار] فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَأَدْخِلْهَا سِرًّا" لا أن تتباهى بها أمامه، أو أن تستعلي بقدراتك وإمكاناتك المادية عليه، "وَلا يَخْرُجْ بِهَا وَلَدُكَ لِيَغِيظَ بِهَا وَلَدَهُ" فيتقطع قلبُ ولد الجار الفقير، وقلبُ الوالد مع ولده، فتحدث الشحناء والبغضاء بين الجيران بسبب الغيرة والتحاسد، "وَلا تُؤْذِهِ بِقُتَارِ قِدْرِكَ إِلا أَنْ تَغْرِفَ لَهُ مِنْهَا" أي: لا تؤذه برائحة الطبخ، إلا إذا كنت عازمًا على أن تطعمه وأهلَه منها.
كما أكدوا أن من حقوق الجار: زيارته إذا مرض، وتهنئته في المناسبات، وتعزيته في المصائب، وإعانته في المهمات، ومراعاة أعلى درجات المروءة معه، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ الله خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ الله خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ".
و أوضحوا أن سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) جعل شهادة الجار لجاره أو عليه من أعلى درجات التزكية أو الجرح؛ لأن الإنسان وإن خدع بعض الناس بعض الوقت فإنه لا يمكن أن يخدع جيرانه كل الوقت، وعندما جاء أحد الجيران لسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة، قال له (صلى الله عليه وسلم): "كن محسنًا"، قال: وكيف أعرف أني محسن؟ فقال: "سَلْ جِيرَانَكَ، فَإِنْ قَالُوا: أَنْتَ مُحْسِنٌ فَأَنْتَ مُحْسِنٌ، وَإِنْ قَالُوا: إِنَّكَ مُسِيئٌ فَأَنْتَ مُسْيئٌ"، وقد أوصانا الشرع الحنيف بحسن الجوار بإطلاق، ومعاملة جميع الجيران بما يستوجبه حق الجوار، وكان سيدنا أبو الدرداء (رضي الله عنه) يقول لزوجه: إذا طهيتِ طعامًا فأكثري المرق؛ حتى نرسل لجيراننا منه، وكان سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما) إذا ذبح شاةً يقول: أرسلوا لجارنا اليهودي منها.
و بينوا أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) حذر من إيذاء الجار أشد التحذير، فعندما جاء بعض الناس إلى سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وذكروا له امرأة صوَّامة قوَّامة، تصوم النهار وتقوم الليل إلا أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال (صلى الله عليه وسلم): "هِيَ في النَّارِ".
مؤكدين أن حقوق الجار لا تقتصر على ترك أذاه وكف الشر عنه بأي لون من ألوان الشر قولًا أو فعلًا، إنما تشمل تحمُّل الأذى منه، يقول الحسن البصري رحمه الله: لَيْسَ حُسْنُ الْجِوَارِ كَفّ الْأَذَى، وَلَكِنَّ حُسْنَ الْجِوَارِ احْتِمَالُ الْأَذَى، فتَحَمُّلُ أذى الجار من شيم الكرام، وأجره عظيم عند رب العالمين، حيث يقول الحق سبحانه: "وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ "، ويقول تعالى: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"، وأن حق الجوار ليس حقًّا للأفراد فحسب، إنما هو حق للدول أيضًا، فكما أن للجوار الفردي حقًّا فإن لجوار الدول حقوقًا، من أهمها: حفظ الحدود، وحفظ العهود والمواثيق والاتفاقيات، وألا يؤتى جارُك من قِبلك، وأن تغيثه إذا استغاث بك.