الأيزيدية نادية مراد.. من عبودية إرهابيي داعش إلى الفوز بجائزة نوبل للسلام
وكالات موقع السلطةرغم أنها كانت شاهدة على أسوأ الحقبات التي مر بها أيزيديو العراق، جل ما تسعى إليه نادية مراد التي تتسلم، الإثنين، جائزة نوبل للسلام، هو أن يساق إرهابيو داعش إلى المحكمة لتحقيق العدالة.
هذه الشابة ذات الأعوام الخمسة والعشرين، خرجت من صلب المعاناة لتصبح مدافعة شرسة عن حقوق الطائفة الأيزيدية، حتى فوزها في 25 أكتوبر بجائزة نوبل للسلام.
ولدى تسلمها جائزة نوبل للسلام، الإثنين، في أوسلو طالبت نادية المجتمع الدولي بتوفير حماية لشعبها والعمل على تحرير آلاف النساء والأطفال الذين لا يزالون في قبضة تنظيم داعش.
موضوعات ذات صلة
وقالت السبي السابقة لدى تلك الجماعة المتطرفة، إذا كان المجتمع الدولي يريد حقا مساعدة ضحايا هذه الإبادة الجماعية فيجب أن يوفر لهم حماية لدولية، وأضافت الشابة البالغة من العمر 25 عاما، من غير المعقول أن العالم لم يبذل مزيدا من الجهد لتحرير أكثر من 3000 من الأيزيديين الذين لا يزالون محتجزين لدى "داعش".
وهي قالت عشية تسلمها الجائزة، "إنني متفائلة ومنفتحى بطبيعتي. أقيم منذ أربع سنوات في ألمانيا، إنه مكان آمن، لكنني رغم ذلك اعيش في الخوف".
وكانت أعلنت من واشنطن بعد فوزها بالجائزة أن "العدالة لا تعني قتل جميع أعضاء داعش الذين ارتكبوا الجرائم ضدنا، بل هي أن يواجهوا محاكمة قانونية ورؤيتهم يعترفون بالجرائم التي ارتكبوها ضد الأيزيديين ومعاقبتهم على تلك الجرائم على وجه التحديد".
ذلك لأن الفتاة صاحبة الوجه الشاحب والشعر البني الطويل، التي كانت تعيش حياة هادئة في قريتها كوجو على أطراف قضاء سنجار معقل الأيزيديين في تلك المنطقة الجبلية في شمال غرب العراق على الحدود مع سوريا، رأت حياتها تتحول إلى ظلام، بعد اجتياح تنظيم الدولة الاسلامية بلدتها في أغسطس 2014، فقتل أبناء ديانتها من الرجال والأطفال، وحول النساء، وهي من بينهن، إلى سبايا.
استولى الإرهابيون آنذاك، على مساحات شاسعة في شمال العراق وغربه، إثر هجوم كاسح تقهقر أمامه الجيش العراقي، وارتكبوا مجازر طالت أبناء غالبية الأقليات.
وكان عدد الأيزيديين في العراق يبلغ 550 ألف نسمة قبل دخول تنظيم الدولة الإسلامية، هاجر نحو مئة ألف منهم، فيما فر آخرون إلى إقليم كردستان العراق الشمالي.
لم تتوقف نادية مراد حتى يومنا هذا، كما هي حال صديقتها لمياء حاجي بشار، التي حصلت معها على جائزة "ساخاروف" لحرية التعبير من البرلمان الأوروبي في العام 2016، عن التذكير بوجود أكثر من ثلاثة آلاف أيزيدي مفقود، ربما لا يزالون أسرى لدى داعش.
في منتصف سبتمبر 2016، عينت مراد سفيرة للأمم المتحدة للدفاع عن كرامة ضحايا الاتجار بالبشر، وخصوصا ما تعرض له الأيزيديون.
خطفت "مراد" من قريتها ثم نقلت إلى مدينة الموصل معقل تنظيم داعش حينها، وكانت بداية كابوس دام لأشهر بعدما تعرضت للتعذيب والاغتصاب الجماعي قبل أن تُباع سبياً بعد أن أرغمت على التخلي عن ديانتها الأيزيدية التي يعدها التنظيم الإرهابي كفرا وعبادة للشيطان.
تعود الديانة الأيزيدية إلى آلاف السنوات، حين انبثقت من الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين، فيما يقول البعض إنها خليط من ديانات قديمة عدة مثل الزرادشتية والمانوية.
وفي أحد خطاباتها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، تحدثت ناديا عن تزويجها بأحد خاطفيها الذي كان يضربها ويرغمها على التبرج وارتداء ملابس تبرز مفاتنها.
بعيد ذلك، قررت الهرب، وبمساعدة أسرة مسلمة من الموصل كانت تقيم عندها، حصلت نادية على هوية سمحت لها بالانتقال إلى كردستان العراق.
وبعد هربها، عاشت الشابة التي تقول إنها فقدت ستة من أشقائها ووالدتها في النزاع، في مخيم للاجئين في كردستان حيث اتصلت بمنظمة تساعد الأيزيديين أتاحت لها الالتحاق بشقيقتها في المانيا.
وبعد وصولها إلى ألمانيا قررت الدفاع عن الأيزيديين، وراحت تسعى إلى تصنيف الاضطهاد الذي تعرضوا له على أنه "إبادة".
قالت مراد أمام نواب أوروبيين بعد تسميتها سفيرة أممية للدفاع عن كرامة ضحايا الاتجار بالبشر، إن الإرهابيين "أرادوا المساس بشرفنا، لكنهم فقدوا شرفهم".
تقول نادية مراد، إنها من ألمانيا تقود "كفاح" شعبها، ومن أجل تلك القضية، جمعت حليفات كثيرات، من بينهن أمل كلوني، المحامية البريطانية اللبنانية الأصل والمدافعة عن حقوق الإنسان، والتي قدمت كتاب مراد "لكي أكون الأخيرة"، الذي صدر باللغة الفرنسية في فبراير.
قبل عام تماما، تعهد مجلس الأمن الدولي، بمساعدة العراق على جمع أدلة على جرائم تنظيم داعش.
لكن لـ"كفاح" نادية مراد مفاجآت سعيدة أيضا، ففي 20 أغسطس، أعلنت الشابة في تغريدة عبر حسابها على تويتر، خطوبتها من ناشط آخر مدافع عن القضية الأيزيدية يدعى عابد شمدين.
وكتبت مراد حينها أن "الكفاح من أجل شعبنا جمعنا، وسنواصل هذه الرحلة سويا".
تحت تلك الكلمات، أرفقت مراد صورة، تظهر خطيبها وهو يضع يده على كتفيها، ولا يزال شعرها البني طويلا يغطي وجهها الذي أضاءته هذه المرة ابتسامة عريضة.