هل تنجح أمريكا في تشكيل قوة عسكرية مشتركة ضد إيران؟
السلطة موقع السلطةمنذ إعلان أمريكا وبريطانيا سعيهما لتشكيل قوة عسكرية مشتركة لتأمين الملاحة عند مضيق هرمز، لم تتوقف التحذيرات الإيرانية من أي اختراق لتلك المنطقة.
وزادت النبرة الإيرانية الاستفزازية مؤخرًا، بعد إعلان إسرائيل مشاركتها في تلك القوة البحرية، ووصفت وزارة الدفاع الإيرانية المشاركة بالإجراء الاستفزازي.
وكانت واشنطن دعت أكثر من 60 دولة للمشاركة في حماية الأمن البحري، بحسب متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، وأعلنت بريطانيا موافقتها، فيما رفضت ألمانيا المشاركة.
التحركات الأمريكية الحثيثة لتشكيل قوة بحرية عند مضيق هرمز، دفعت البعض للتساؤل عن الخيارات المتاحة أمام إيران لمواجهة تلك التحركات.
وأعلنت بريطانيا أنها ستنضم إلى الولايات المتحدة "في قوة الأمن البحرية الدولية" لحماية السفن التجارية في مضيق هرمز، وسط تصاعد التوتر مع إيران.
وصرح وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، في بيان "ستعزز هذه القوة الأمن وتوفر الطمأنينة للملاحة".
وأعلنت إسرائيل المشاركة في "التحالف الأمريكي لتأمين الخليج".
من جانبه، قال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، إن ألمانيا لن تنضم لمهمة بحرية بقيادة الولايات المتحدة في مضيق هرمز، مؤكدا أن بلاده تفضل مهمة أوروبية لكنه حذر في الوقت نفسه من صعوبة إحراز تقدم في هذا الصدد.
وقال "ماس" للصحفيين: "في الوقت الحالي يفضل البريطانيون الانضمام إلى مهمة أمريكية، نحن لن نفعل ذلك".
وأضاف: "نريد مهمة أوروبية"، مشيرا إلى أن هذا الأمر مطروح لكنه سيستغرق وقتا لإقناع الاتحاد الأوروبي بالقيام بمثل هذه المهمة".
ومن جهتها، قالت المتحدثة باسم الحكومة الألمانية، إن المستشارة أنجيلا ميركل والحكومة بكاملها لا يفكران حاليا في مشاركة برلين في مهمة بحرية بقيادة الولايات المتحدة في مضيق هرمز.
الكاتب الصحفي والإعلامي الإيراني، محمد غروي، قال إن "الطرح الأمريكي لإنشاء قوة عسكرية لتأمين الملاحة في مضيق هرمز سيولد ميتًا، خاصة بعد تحذيرات وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أنه "لا يوجد سيناريوهات للمحاولة الأمريكية، إما ستنجح في تشكيل القوة العسكرية، أو لا تنجح".
وأكد أنه "في حال تشكيل قوة عسكرية للتدخل في أمن المياه بالخليج، فهذا يمهد لتطور كبير، قد يصل إلى الحرب"، متوقعًا في الوقت نفسه "فشل المساع الأمريكية".
وأشار إلى "أن المشاركة الإسرائيلية ستدفع الأمور نحو مزيد من التصعيد، مؤكدا أن فشل الخطة الأمريكية سأتي لأن إيران تعارضها بشدة، فضلاً عن الموقفين الروسي والصيني في هذا الاتجاه، ومواقف بلدان خليجية ترى في الخطة الأمريكية مقدمة لتصعيد جديد في المنطقة".
وبسؤاله عن المطالب الأمريكية لبعض الدول بالمشاركة بعد فشلها في إقناع المجتمع الأوروبي، أجاب المحلل السياسي قائلًا: "حتى اليابان لن توافق".
بدوره، قال محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، إن "إيران لديها مجموعة من الخيارات لمواجهة القوة العسكرية المشتركة حال نجحت أمريكا في تشكيلها".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن الخيار الأول يتمثل في محاولة تفريق وتقسيم هذا التحالف، ويمكن لإيران ذلك من خلال الضغط على بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا وألمانيا لعدم الاشتراك في هذا التحالف، وهذا بالفعل ما حدث مع ألمانيا".
وتابع: "الخيار الثاني هو مواجهة هذا التحالف عن طريق تشديد الرقابة البحرية عند جزيرة لارج، أو في مدخل مضيق هرمز، لأن هذه القوة إذا نجحت في تأمين الملاحة، فإنها لن تحظ بنفس النجاح عند المضيق نفسه، لأنه ضيق جدا".
ومضى قائلا "عند مرور أي قطع عسكرية سواء كانت غواصات أو سفن كبيرة يجب أن تخضع لميثاق جنيف لعام 1958م، الذي يقضي بالإفصاح للدولة المشرفة على المضيق (عمان – إيران) عن هويتها، ويجب على الغواصة أن تطفو وتتبع تعليمات الحرس الثوري، وهو ما يمكن إيران من ممارسة دور استخباراتي ومعلوماتي، تمكنها من كسب المعارك مع هذه القوى بشكل مؤقت".
وعن الخيار الثالث، أضاف أبو النور "يتمثل في أن لا تقوم طهران مباشرة بتهديد الملاحة في تلك المنطقة أو إعاقتها، ويمكنها أن تقوم بتلك العمليات عن طريق "حزب الله" أو الحوثيين أو أي من أذرعها ووكلائها، شريطة أن تدعمهم بالمال والسلاح".
واعتبر وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، أن الحديث عن مشاركة إسرائيل في التحالف الذي تسعى إليه أمريكا لتأمين الخليج، "إجراء استفزازي كبير".
وقال حاتمي، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية "فارس"، إن الحديث عن مشاركة إسرائيل في تحالف بحري دعت الولايات المتحدة إلى تشكيله في مياه الخليج "إجراء استفزازي كبير ويحمل تداعيات كارثية".
ويشهد الخليج منذ العام الماضي توترا متصاعدا على خلفية انسحاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 بين إيران والدول الكبرى، وإعادة فرضه عقوبات على الجمهورية الإسلامية.
وردا على القرار الأمريكي، أعلنت طهران في مايو تخلّيها عن عدد من الالتزامات التي يفرضها الاتفاق على برنامجها النووي، مهدّدة باتخاذ تدابير إضافية ما لم تساعدها الأطراف الأخرى المشاركة في الاتفاق.
وشهدت المنطقة جملة هجمات استهدفت ناقلات نفط وطائرات مسيّرة أدت إلى مزيد من التصعيد.
وتتّهم الولايات المتحدة، إيران بالوقوف وراء هجمات استهدفت في يونيو ناقلات نفط في مياه الخليج، وهو ما تنفيه طهران.
وفي يوليو احتجز الحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني وطاقمها المؤلف من 23 بحارا.
واعتبرت لندن أن احتجاز طهران للسفينة رد إيراني على احتجاز السلطات البريطانية أوائل يوليو ناقلة نفط إيرانية قبالة سواحل جبل طارق.
ودعت عمان إلى الإفراج عن السفينة البريطانية "ستينا إمبيرو"، كما حثت لندن وطهران على إيجاد حل دبلوماسي للنزاع بينهما.