محمد التابعي.. كبير الرحيمية وأشهر صعيدي في السينما المصرية
محمد شوقي موقع السلطةأشهر من قدم دور الصعيدي في تاريخ السينما المصرية، رغم أن معظم نجوم الشاشة العربية علي مدار تاريخها قدموا هذه الشخصية، ولكن براعة محمد التابعي وخفة ظله مع شخصية كبير الراحيمية جعلته صعيدي الشاشة الأول.
ولد محمد محمود أحمد أبو شرابة ببورسعيد في عائلة اشتهرت بتجارة الجلود، وتمرد هو على هذه الحرفة، حيث عشق الفن واتجه الى المونولوج عمل بالمسرح المتجول، والتحق بفرقة ببا عز الدين، ثم فرقة بديعة مصابني، وأدى شخصية الصعيدي الساذج، وهو من مواليد 23 مارس 1907 من محافظة بورسعيد الباسلة.
حفظ القرآن الكريم وهو لم يتجاوز الخمسة عشر من عمره، وكان والده حريصاً على أن يلتحق بالأزهر الشريف، ولكن ميوله كانت عكس ذلك فقد هوي الفن و المسرح، وعندما علم والده تاجر الجلود بذلك الأمر أخذه في عز برد الشتاء الى «دش ماء بارد» مع حرمانه من الخروج ليلاً، ومع ذلك لم يترك الابن الفن الذي كان يجري في دمه وتحول الى «محمد التابعي» الفنان والمونولوجست على مسرح «الهامبرا» مع فرقة «فوزي منيب»، ثم انتقل الى العمل مع فرقة «ببا عز الدين»، ثم فرقة «بديعة مصابني»، بعد ما هرب من والده الذي أقسم على أن يحرمه من ثروته الكبيرة وأن لا يراه حتى الموت .
ومن المسرح إلى عالم السينما من خلال المجاميع إلى أن جاءته الفرصة من خلال مشاهدة المخرج «عباس كامل» له في اسكتش «الباش تمرجي» في فرقة شكوكو فأعجب بأدائه الصعيدي واسند اليه الشخصية التي ابتكرها على الورق وهي «كبير الرحيمية قبلي» حيث كان يبحث وقتها عن ممثل خفيف الظل لدور كبير الرحيمية قبلي ولما قرأها أعجب بالدور وأضاف الى السيناريو واختار ملابسها واكسسواراتها وكذلك الشنب المميز حتى جملته الشهيرة «تروح فين يا عبدالرحيم.. تتصرف كيف ياعبدالرحيم».
تميزت أفلامه مع خفة ظلها بأنها كانت تهدف للعمل الاجتماعي، وكان فيلم "لسانك حصانك" مع شادية وكارم محمود وزينات صدقي وفريد شوقي كان يقوم بدور عمده صعيدي يقوم بجمع التبرعات من أهل قريته لبناء مدرسه لمحو أمية أهل القرية، ومستشفى لعلاج مرضي أهل القرية، وإنقاذهم من الخرافات التي يعيشون فيها فما كان إلا أن نجح الفيلم نجاحاً جماهيرياً كبيرا، وكان يتقاسم معه هذا الدور الفنان سيد بدير في دور ابنه و اصبحا الاثنين معاً ثنائي فني في العديد من الأفلام السينمائية، مثل أفلام "خد الجميل و أنا وحبيبي و عايزة أتجوز و خبر أبيض و حضرة المحترم و المقدر و المكتوب".
نجاح شخصية كبير الرحيمية قبلي جعل مسؤولين الدراما ينقلون هذه الشخصية من السينما الى التلفزيون وبالفعل وقعوا عقدا لبطولة حلقات تلفزيونية بعنوان «مغامرات كبير الرحيمية»، ولنجاحها أيضا أسس في الخمسينات فرقة مسرحية خاصة به تحمل نفس الاسم وطاف بها بلدانا كثيرة وحققت نجاحاً كبيراً وكانت بطلتها الفنانة «نعيمة الصغير» والتي شاركت في أداء الاسكتشات الغنائية معه وكانت تملك صوتا جميلا وتضم فرقته عددا من النجوم منهم نعيمة الصغير - شكوكو - الكحلاوي- شفيق جلال - أحمد غانم - عمر الجيزاوي - السيد بدير.
وعلي الرغم أنه أشهر صعيدي في تاريخ السينما المصرية، إلا أنه لم يذهب في حياته إلى الصعيد، ولكن كان له أصدقاء صعايدة واحتك بهم كثيراً، لذلك أتقن الشخصية وأضاف لها خفة الدم، بل إن الصعيد هو الذي جاء اليه عن طريق الهدايا من الفطير والعسل الأسود نوع من محبة الصعايدة له، فقد كانت تأتي له هدايا من أكابر الصعايدة في مصر.
وكان التابعي زملكاويا متعصبا وعندما يفوز الزمالك خاصة علي غريمه التقليدي الأهلي، يقوم بتوزيع الشربات على جيرانه وسكان الحي.
كان صديق للفنانة «ثريا حلمي» ودائم الزيارات لها بمنزلها وهناك شاهد زوجته لأول مرة «عواطف» وأعجب بها وطلبها للزواج، ولكن عائلتها رفضت بسبب أنه كان يكبرها بعشرين عاما، وكذلك كان متزوجاً من امرأة لبنانية لم ينجب منها وتركها لهذا السبب، ولكن زوجته أم أولاده كانت شديدة الاعجاب بها وتزوجها ولم تكن تجاوزت 16 عاماً من عمرها، وأنجب منها أربعة أولاد ليلى ومحمد وثريا ويوسف الذي مات في سن السبع شهور.
كان انسانا رقيق الحس يتأثر بكل من حوله وعندما توفت والدته حزن وتوفي بعدها بسبعة شهور، وآخر عمل قدمه هو فيلم «دكتور بالعافية» بطولة كمال الشناوي وعبدالعزيز محمود، وكان في أيامه الأخيرة مرتبطاً بعقد مع الفنانة «صفية حلمي» التي علمت بأنه يجهز للسفر مع «فايز حلاوة» و«تحية كاريوكا» في رحلة للبلاد العربية، فطلبت منه دفع قيمة الشرط الجزائي، فأصيب بحزن وعاد للوقوف على المسرح وأصيب وهو واقف بجلطة في المخ انتقل على أثرها الى مستشفى «القصر العيني» وظل هناك 11 يوما، وتوفي في 11 ديسمبر 1964 بعد ان زاره كل أصدقائه في الوسط الفني خاصة الفنان «عبدالعزيز محمود» الذي كان من اخلص أصدقائه وكان يسأل عنه باستمرار أثناء فترة مرضه وكذلك الفنانة تحية كاريوكا.