السيسي في بكين.. مناقشات حول مكافحة الإرهاب.. و 7 مليارات دولار استثمارات صينية بمصر
كتب محمد السعدنيأجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي، زيارة للعاصمة الصينية بكين، تلبية للدعوة الموجهة للرئيس السيسي من الرئيس الصيني "تشي جين بينج" لحضور قمة منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي، بمشاركة العديد من رؤساء الدول والحكومات.
وتأتي مشاركة الرئيس في القمة في إطار أهمية مبادرة الحزام والطريق على الصعيد الدولي، وحرص مصر على التفاعل معها في ظل أن مصر تعد من الشركاء المحوريين للصين في المبادرة، في ضوء الأهمية الإستراتيجية لقناة السويس كأحد أهم الممرات البحرية للتجارة العالمية، فضلًا عما تمثله المشروعات القومية الكبرى الجاري تنفيذها في مصر مثل المنطقة الاقتصادية لمحور قناة السويس من أهمية في إطار المبادرة.
بالإضافة إلى اتساق محاور المبادرة مع العديد من أولويات التنمية والخطط القومية المصرية وفقًا لخطة مصر للتنمية المستدامة 2030، فضلًا عن علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي تجمع بين مصر والصين.
مباحثات قمة
ومن المقرر أن تشهد الزيارة أيضًا مباحثات قمة بين الرئيس والرئيس الصيني، لبحث سبل تعزيز علاقات الشراكة الإستراتيجية التي تربط البلدين، والبناء على ما تشهده تلك العلاقات من طفرة نوعية خلال الأعوام الأخيرة، بما يحقق المصالح المشتركة للدولتين والشعبين الصديقين، فضلًا عن مواصلة المشاورات والتنسيق الثنائي حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
كما سيعقد الرئيس لقاءات مع عدد من المسئولين ونخبة من مجتمع رجال الأعمال الصيني، لبحث سبل دفع التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين.
ويعقد أيضا الرئيس السيسي على هامش القمة لقاءات مع عدد من رؤساء الدول والحكومات، وذلك لبحث سبل دفع التعاون الثنائي والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
ملفات الزيارة
ومن المقرر أن تشمل الزيارة بحث عددا من الملفات أبرزها:
تعزيز الشراكة الإستراتيجية الثنائية، بين مصر والصين وهناك حرص من الجانبين في ظل آليات التعاون القائمة على التنسيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك كما من المقرر أن تشهد الزيارة توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون المشترك بين الجانبين المصرى والصيني التطلع لتحقيق المزيد من معدلات الاستثمارات المباشرة للصين في مصر وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وتسعى مصر خلال فترة رئاستها للاتحاد الأفريقى إلى مواصلة تعزيز التعاون مع الصين من ناحية، وبين الصين والدول الأفريقية من ناحية أخرى في إطار منتدى التعاون الصينى الأفريقى فوكاك حيث تحرص مصر، انطلاقا من أن الصين أكبر شريك تجارى لأفريقيا، على التنسيق والتشاور مع الجانب الصينى لتيسير تنفيذ مخرجات قمة فوكاك الأخيرة والتي حددت مرتكزات التعاون في التنمية الصناعية، وترابط المنشآت وتسهيل التجارة وتعزيز التنمية الخضراء وحماية البيئة الايكولوجية وتعزيز بناء القدرات ودعم قطاع الصحة وتعزيز التواصل الشعبي والتعاون في مجال السلم والأمن وتكثيف التعاون الثلاثي مع مصر في أفريقيا، في ضوء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي خلال العام الحالي 2019، الأمر الذي يتيح الفرصة لفتح آفاق جديدة للتعاون المشترك في أفريقيا، وذلك من خلال تنفيذ مبادرات مشتركة تهدف إلى تحقيق مصالح مختلف الأطراف وتعزيز التنمية المستدامة في القارة.
واستعراض جهود مصر على صعيد الإصلاح الاقتصادي وتهيئة المناخ الجاذب للاستثمار وتنفيذ العديد من المشروعات القومية خاصة محور تنمية قناة السويس فضلًا عن تطوير وتحديث البنية التحتية وتأكيد أن تلك الجهود تتسق مع مبادرة الحزام والطريق وتتكامل مع أهدافها واستعراض أوجه التعاون خاصة على صعيد المشروعات المشتركة الجاري تنفيذها حاليا في مختلف المجالات خاصة في مجال الطاقة التقليدية والطاقة الجديدة والمتجددة والغزل والنسيج وصناعة السيارات الكهربائية، فضلًا عن الاستثمارات الصينية في المنطقة الاقتصادية لمحور قناة السويس وكذلك العاصمة الإدارية الجديدة.
كما سيتم استعراض أهمية القارة الأفريقية على صعيد الاقتصاد الدولي خاصة وأنها تمثل سوقًا كبيرًا وواعدًا إذا ما توفرت لها البنية الأساسية التي تساعدها على تطوير قدراتها الاقتصادية والاستثمارية والحرص على الاستفادة من الخبرات الصينية في العمل في القارة خاصة في مجال البنية التحتية للمساعدة في تنفيذ رؤية مصر تجاه التنمية بأفريقيا خاصة في مجال ربط دولها بشبكة من السكك الحديدية والطرق.
وتبادل وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية، خاصة سبل مكافحة الإرهاب، فضلًا عن عدد من الأزمات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط
الزيارة السادسة
وزار الرئيس السيسي الصين خمس مرات منذ توليه السلطة في منتصف عام 2014 حيث تعد زيارة اليوم السادسة لحضور منتدى الحزام والطريق الثانى للتعاون الدولي.
وفي ديسمبر 2014 زار الرئيس السيسي بكين حيث عقدت القمة الأولى التي جمعت بين الرئيسين السيسي وبينج وذلك في أول زيارة للرئيس للصين عقب انتخابه رئيسا للجمهورية.
وفي سبتمبر 2015 زار الرئيس السيسي بكين حيث عقدت القمة الثانية التي في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين بمناسبة احتفال الصين بعيد النصر الوطنى في الذكرى السبعين لانتهاء الحرب العالمية الثانية
أما في يناير 2016 عقدت القمة الثالثة وذلك خلال زيارة الرئيس الصينى شى جين بينج إلى مصر وخلال الزيارة حضر الرئيسان الاحتفالات المشتركة بمناسبة الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين
كما في سبتمبر 2016 زار الرئيس السيسي بكين وعقدت القمة الرابعة خلال مشاركة في قمة مجموعة العشرين التي عقدت بمدينة هانجتشو الصينية.
وفي سبتمبر 2017 زار الرئيس السيسي بكين للمشاركة في فعاليات الحوار الإستراتيجي حول تنمية الأسواق الناشئة والدول النامية الذي أقيم على المستوى الرئاسى على هامش قمة الدورة التاسعة لقمة مجموعة "بريكس" حيث عقدت مباحثات قمة بين السيسي ونظيره الصيني.
وفي سبتمبر 2018 زار الرئيس السيسي الصين حيث عقدت القمة السادسة كما شارك الرئيس في قمة منتدى التعاون الصين أفريقيا "فوكاك" وشهدت زيارة الدولة التوقيع على مشروعات مع شركات صينية.
التعاون الاقتصادي
وعن التعاون الاقتصادي مع مصر ارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر والصين إلى 13.87 مليار دولار العام 2018 مقارنة بـ10.8 مليار دولار عام 2017 فضلا عن زيادة الصادرات المصرية للصين إلى أكثر من 1.8 مليار دولار العام الماضى.
وشاركت مصر بنجاح في أول معرض للواردات الصينية في شنغهاى العام الماضى ضيف الشرف وجناح الأعمال كان فرصة للترويج للمنتجات المصرية خصوصا الزراعية حيث أن الصين استوردت البرتقال المصرى بقيمة 80 مليون دولار العام الماضى وبهذا احتلت مصر المرتبة الرابعة بين الدول المصدرة للبرتقال للصين.
كما فتحت الصين أسواقها أمام استيراد العنب المصرى وتم التوقيع على اتفاق لاستيراد بنجر السكر في ديسمبر الماضي، كما تجري حاليا استعدادات حاليا لاستيراد الرمان والبصل وعسل النحل من مصر وهناك مباحثات بشان ذلك.
الاستثمارات المشتركة
وعن الاستثمارات الصينية، بلغت قيمة الاستثمارات الصينية 7 مليارات دولار في مصر بنهاية 2018، كما يتم التنسيق بين مبادرة الحزام والطريق وإستراتيجية التنمية في مصر بينما نقوم بتنفيذ مشروعات للبنية التحتية خصوصًا في مجالى النقل والطاقة إذ يتم الانتهاء حاليا من خطوط نقل الكهرباء في بعض المناطق في مصر بمسافة 1210 كيلومترات فضلًا عن بناء القطار الكهربائى الذي سيربط بين مدينة العاشر من رمضان بالعاصمة الإدارية الجديدة.
كما تشارك الشركات الصينية بنشاط في العاصمة الإدارية الجديدة خصوصا في منطقة الأعمال المركزية إذ تم تخصيص 3 مليارات دولار للمرحلة الأولى من هذه المنطقة، فضلًا عن مشاركة شركة صينية في مناقصة لعمل خط سكة حديد من عين السخنة إلى العلمين.
ويجري حاليا التوسع في منطقة تيدا للتعاون المصرى الصينى إذ تم الانتهاء من البنية التحتية لـ2 كيلومتر مربع من المرحلة الثانية التي تبلغ مساحتها الكلية 6 كيلومترات مربع والتي أعلن عنها الرئيس السيسي والرئيس شى جين بينج عام 2016، ويتم حاليا دعوة الشركات للاستثمار في هذه المنطقة حيث إن شركة تيدا بدأت الشهر الماضى في الإعداد لتطوير الجزء الثانى من المرحلة الثانية بمسافة 2 كيلومتر أخرى.
كما يتم التفاوض حاليا لإنشاء عدة مناطق أخرى بين مصر والصين من بينها منطقة الصناعات الخفيفة ومنطقة للجلود ومنطقة النسيج التي يتم بناؤها حاليا في مدينة السادات".
ومن أبرز المعلومات عن مبادرة "الحزام والطريق":
مبادرة "الحزام والطريق" أطلقها الرئيس الصينى عام 2013، لما لها من أهمية اقتصادية وإستراتيجية للدول المشاركة فيها.
تهدف المبادرة إلى إحياء طرق التجارة القديمة عن طريق إنشاء الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الحادى والعشرين من أجل بناء شبكة للتجارة والبنية التحتية لربط قارات آسيا بأوروبا وأفريقيا.
مصر بموقعها الإستراتيجي ووجود قناة السويس كممر مائى حيوى بها يجعلها نقطة محورية في الجانب البحرى من المبادرة.
المبادرة التي أطلقتها الصين منذ أكثر من 5 سنوات حظيت بترحيب عالمى إذ تم التوقيع على 118 اتفاقية بين الصين وأكثر من 100 دولة وإقامة البنك الآسيوى للاستثمار في البنية التحتية بمشاركة 92 دولة وقد تم تنفيذ 28 مشروعا باستثمارات بقيمة 5.4 مليار دولار من بينها مشروع إقامة محطة الطاقة الشمسية في مصر بقيمة 210 ملايين دولار حتى الآن في إطار أنشطة هذا البنك.
ومن أهم إنجازات مبادرة الحزام والطريق، بناء شبكة كبيرة من خطوط السكك الحديد وصلت إلى 4 آلاف خط سكة حديد يربط بين الصين وبعض الدول الآسيوية وأوروبا وكذلك مشروع الممر في باكستان ومشروع ميناء بيرايوس في اليونان وغيرها
والاستثمارات الأجنبية المباشرة بين الصين ودول الحزام والطريق تخطت 70 مليار دولار بينما تخطت التجارة البينية بين الصين وهذه الدول 5 تريليونات دولار.
والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تتكامل مع مبادرة الحزام والطريق لربط التجارة العالمية حيث إن المنطقة الاقتصادية تمثل مستقبل التجارة الدولية وستصبح مركزا لوجستيا عالميا ومنطقة السويس للتعاون الاقتصادى والتجارى الصينية - المصرية المتواجدة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تعد نموذجا للتعاون بين الصين ودول الحزام والطريق، وتوفر منصة مثالية للمنشآت الصينية لتطوير نفسها في الخارج.
وتهدف مبادرة "الحزام والطريق" كذلك إلى تحقيق التعاون والكسب المشترك في مجالات التنمية بين الدول المشاركة من خلال الشراكات الاقتصادية والتجارية ومشروعات البنية التحتية إضافة إلى التفاعل والتبادل الثقافى بين الشعوب، كما تعد المبادرة مهمة في عملية التنمية بمصر من خلال المشروعات العملاقة التي تنفذها شركات صينية بالتعاون مع الجانب المصرى لاسيما في بناء منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة وإنشاء محطات الطاقة وغيرها من مشروعات النقل والتجارة والصناعة والبنية التحتية.