محطات لا تعرفها في حياة الملك فاروق الأول
كتب محمد عليناريمان.. اسم تركي يعني الجميلة الفاتنة خفيفة الروح، وناريمان تلك الفتاة المصرية التي كانت على موعد مع القدر ليدون اسمها في التاريخ على انها آخر ملكات مصر.
ولدت ناريمان صادق بالقاهرة في ٣١ أكتوبر عام ١٩٣٣ ، والدها هو حسين فهمي صادق وكيل وزارة المواصلات وهو نجل علي بك صادق من أعيان مصر في ذلك الوقت وآخر منصب تقلده قبل وفاته هو سكرتير عام وزارة المواصلات أما والدتها فهي أصيلة هانم ابنة كامل محمود من أعيان محافظة المنيا .
كانت ناريمان الابنة الوحيدة لأبويها وقد عاشت طفولة سعيدة كان والدها يخاف عليها فألحقها بمدرسة مصرية عادية قريبة من مسكنهم مفضلا ذلك على ان يلحقها في مدرسة لغات بعيدة عن سكنهم وقد توقف تعليمها عند المرحلة الثانوية.
وقد اتسمت ناريمان بالجمال والرقة والهدوء و سعى الى ابيها الكثير من الخطاب لخطبتها ، الى ان وقع اختيار والدها على الدكتور محمد زكي هاشم المحامي المعروف وتم تحديد موعد الزفاف وجاء اليوم الذي ذهبا فيه لانتقاء خاتم الزواج من أحد كبار تجار المجوهرات ، لكن القدر والنصيب كان له رأي آخر.
بعد انفصال الملك فاروق عن الملكة فريدة ، كان عليه ان يتزوج مرة اخرى فوضع مواصفات لزوجته المقبلة و ملكة مصر الجديدة وكانت هذه الشروط هي أن تكون الزوجة وحيدة والديها وأن تكون فتاة مصرية خالصة مئة في المئة، وأن تكون من الطبقة المتوسطة العليا ولا تكون من طبقة الباشوات، على أن تبلغ من العمر ١٦ عاما وأن تكون قادرة من النوحي الصحية و الجسمانية أن تحمل له طفلا وكانت جميع الشروط تنطبق على ناريمان وبالفعل حظيت الفتاة بالرضا والقبول من الملك.
وفي إحدى زيارات الملك فاروق الأول لأحمد باشا نجيب الجواهرجي ، الذي يتعامل معه دائما، وقع اللقاء الأول بين ملك مصر والسودان وناريمان صادق التي ذهبت وقتها مع خطيبها المحامي محمد زكي لانتقاء خاتم الشبكة، وحينما سمع الجواهرجي صوت خطواتهما طلب منهم التوقف عن الدخول حيث يوجد الملك وعندما انتقل إلى حجرة الخزائن الملحقة بالمحل سمح لهما بالدخول.
جلست ناريمان على كرسي في مواجهة حجرة الخزائن الذي يجلس فيها الملك تختار خاتم شبكتها، ليشاهدها الملك ويعجب بها ، ليشير بعد ذلك إلى نجيب الجواهرجي وطلب منه أن يعرفهما به، لأنه يرغب في بيع حجر سولتير ويعتقد أنه ينال إعجابها وحصل الجواهرجي على رقم هاتف ناريمان، واتصل القصر بأسرتها وردت عليه والدتها وأعطتهما رقم تليفون والدها في العمل . اتصل الملك فاروق بوالد ناريمان طالبا منه الزواج من ابنته ليصاب الرجل بالفزع والقلق الشديد ظنا منه بأن هذه الزيجة ربما تكون نزوة من نزوات الملك الشاب. ورغم ذلك تحدث مع خطيب ابنته زكي هاشم ، ليقدر هذا الموقف وتم فسخ الخطبة، وشعرت ناريمان بسعادة بالغة بهذه الزيجة حيث رأت نفسها ملكة مصر وتجلس داخل قصر عابدين بجوار ملك مصر والسودان ومع الاحتفال بعيد ميلاد الملك الحادي والثلاثين ، تم الإعلان عن نبأ خطوبة فاروق بناريمان صادق.
توفي والد ناريمان بالسكتة القلبية بعد فترة وجيزة من خطوبة الملك على ناريمان ، وحضر الملك العزاء وكان معه كبار رجال الدولة. وبعد فترة رتب الملك فاروق سفر ناريمان بصحبة عمها مصطفى صادق إلى إيطاليا لتدريبها على قواعد البروتوكول الملكي .
وبالفعل سافرت ناريمان تحت اسم مستعارسعاد صادق، على أساس أنها ابنة عم زوجة علي بك صادق، وعاشت ناريمان في رومـا في السفارة المصرية في فيللا سافويا، وهو المنزل السابق للعائلة المالكة الإيطالية التي كانت تعيش في هذه الفترة في الإسكندرية ، وبعد 6 أشهر عادت ناريمان لتتزوج من فاروق، على الرغم من انه كان مخططا لها أن تمكث في إيطاليا عاما كاملا لتتدرب على قواعد البروتوكول وعلى الحياة الجديدة التي تنتظرها كملكة لمصر، لكن فاروق لسبب أو لآخر طلب اختصار المدة وعودتها بعد ستة أشهر فقط .
وتعود ناريمان الى مصر وتتزوج الملك فاروق في حفل زفاف ملكي مهيب . وتنجبت الملكة ناريمان ولي العهد الامير أحمد فؤاد الثاني وسط فرحة غامرة ، لكن بعد ذلك سرعان ما انقلبت الامور رأسا على عقب، وتصاعدت المشكلات في مصر ودخلت البلاد مرحلة مضطربة.
وتوالت أحداثا هزت البلد بأثرها كان أبرزها حريق القاهرة ومعركة الشرطة في الإسماعيلية ، الى ان اندلعت أحداث ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وتم اقصاء الملك فاروق عن الحكم وتم تعيين الأمير الصغير أحمد فؤاد الثاني ملكا على البلاد خلفا لوالده فاروق المعزول.
وتم إجبار الملك على مغادرة البلاد ، لتغادر الملكة ناريمان مع الملك فاروق و أبنائه مصر متجهين الى ايطاليا حيث المنفى على يخت المحروسة وظلوا في إيطاليا ثلاثة أيام .
وصل فاروق وناريمان إلى كابري وسجل فاروق نفسه في الفندق صاحب الفخامة الملكية الأمير فاروق فؤاد أمير مصر وكان يقضي وقته في هذه الأثناء في اصطحاب الأميرات الصغيرات للسياحة وبعد أقل من شهرين غادر فاروق كابري إلى كارل، حيث استقر هناك في قصر يقع على جبال الألب خارج روما وقد كان الملك فاروق حريصا على إسعاد أسرته و حريصا على أن يعيشوا حياة كريمة ولكن سرعان ما بدأت تنشب الخلافات بين الملك فاروق و الملكة ناريمان.