اكتشفته أم كلثوم ونافس عبد الحليم.. محمد رشدي ”عرباوي الأغنية الشعبية”
محمد شوقيفي أحد أفراح أعيان مدينة دسوق في الأربعينيات كانت كوكب الشرق أم كلثوم واحدة من ضمن المدعويين، وهناك سمعت صوت مطرب شاب لم يتجاوز الـ 20 عامًا، لفت نظرها على افور، وعندما سلم عليها وقبل يدها قالت له: "صوتك مفيهوش غلطة.. إنزل مصر وهتبقى حاجة مهمة"، وقد كان وأصبح مطرب مصر الشعبي الأول.
إنه الفنان الكبير والقدير محمد رشدي، واسمه الحقيقي "محمد عبد الرحمن" ولد في 20 يوليو 1928 بمدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، وحفظ القرآن الكريم في كتاب القرية، وكان يقرأ القرآن الكريم وهو صغير في كل مناسبات أهل القرية،و أحب الغناء والفن خاصة بعد ما نصحته كوكب الشرق، وتخرج من معهد "فؤاد الأول للموسيقى" بالقاهرة عام 1949.
في الخمسينيات كانت البداية الحقيقية لمشوار "رشدي" الفني عقب تقديمه لأول أغانيه "قولوا لمأذون البلد" التي لحنها بنفسه لعدم قدرته لدفع أجر الملحن، ثم كون بعد ذلك ثلاثي فني مع الشاعر "عبد الرحمن الأبنودي" والموسيقار الراحل "بليغ حمدي"، خاصة بعد ما دب الخلاف بين عبد الحليم حافظ وبليغ حينها قال بليغ حمدي: "أنا ممكن أخلي عبد الحليم يقعد في البيت".
وزدات الخلاف بينهما بعد ظهور محمد رشدي الذي تبناه بليغ ليقدم معه أروع وأهم و أفضل ألحان شعبية صنعت اسم محمد رشدي وكادت أن تقضي علي أسطورة عبد الحليم حافظ، حتى ذاع صيته في الستينيات وحقق نجومية كبيرة في مجال الأغنية الشعبية.
غنى محمد رشدي أكثر من 600 أغنية ما بين «العاطفي، والشعبي، والديني، والوطني»، منها «عدوية، تحت الشجريا وهيبة، طاير يا هوى، عالرملة ، عرباوي، كعب الغزال، مغرم صبابة، ميتى أشوفك، يا عبدالله يا خويا سماح، يا ليلة ما جاني الغالي، مجاريح».
كما غنى رشدي، عددًا من الملاحم الشعبية في الإذاعة المصرية مثل «الميثاق، قصة فلاح، 6 أكتوبر".
وسجل بصوته ملحمة "أدهم الشرقاوي" التي تُعد أحد إبداعات الإذاعة المصرية، بينما كان ألبوم "قطر الحياة" هو آخر أعماله الفنية، والذي أصدره قبل وفاته بأيام قليلة.
شارك محمد رشدي في العديد من الأفلام كمطرب فقط يقدم فقرة غنائية مثل عفريت سمارة و سلطان و سمراء سيناء و المارد و نورا والزوج العازب و قدم البطولة المشتركة مثل فيلم السيرك و حارة السقايين وجدعان حارتنا و لكنه قام ببطولة بعض الأفلام منها عدوية و ورد وشوك و فرقة المرح، ولكنه لم ينجح في السينما فاكتفي بهذا القدر.
في سنة 1959 كان متجهًا للسويس لإحياء حفل للمجهود الحربي ووقعت له حادثة سير كبيرة، حيث اصطدمت عربية أسطوانات بوتاجاز فى الأتوبيس الذي يستقله، وتوفيت المطربة نادية فهمي وخمسة من أعضاء الفرقة، وأصيب محمد رشدي بكسر في قدميه وتشوه في الوجه، وشعر أن مستقبله الفني انتهى فعرض الطلاق على زوجته و لكنها تمسكت به، وتبرع دكتور تجميل بجراحة تجميلية، وظل سنتين في الجبس، وكان الأطباء نصحوه ببتر ساقه، ولكن نجحت عملية التجميل وعاد مرة أخرى للحياة الفنية .
حصد محمد رشدي، العديد من الجوائز والأوسمة منها: «عشر جوائز في الإذاعة ودرع القوات المسلحة أكثر من مرة وميدالية طلعت حرب، ونال وسام الثقافة من رئيس الجمهورية التونسية».
تزوج من سيدة من خارج الوسط الفنى تعرف عليها في حفل زواج شقيقته.. و أنجب منها أدهم و سماه كذلك تيمنًا بأغنية أدهم الشرقاوي لأنها كانت سبب نجاحه وطارق الذى أصيب بشلل الأطفال وسناء التى أراد أن يسميها وهيبة على اسم أغنيته الشهيرة و لكن زوجته رفضت ذلك والابن الرابع عادل .
أعاد محمد رشدي غناء اغانية القديمة بتوزيع جديد عصري مما زاد نجاحها أكثر، وزادت شهرته أكثر في التسعينات.
في عام 1993، أصيب محمد رشدي، بنزيف ونقل على إثره إلى مستشفى «الأنجلو»، ودخل على إثرها إلى العناية المركزة، حتى تحسنت حالته وخرج من المستشفى، ولكنه ظل في صراع مع المرض و عانى في سنواته الأخيرة من فشل كلوي حاد الأمر الذي أدى لاحقا لإصابته بهشاشة و سرطان العظام و تدهورت حالته الصحية، مما استلزم إدخاله غرفة العناية المركزة حيث عانى من غيبوبة كاملة لستة أيام قبيل وفاته الى أن رحل عن عالمنا يوم 2 مايو عام 2005 وكانت وفاته خبر محزن بين الوسط الفني.
أغانيه أصبحت أهم تراث شعبي في تاريخ الأغنية العربية المصرية الشعبية بلا منازع، وكانت آخر أغنية له سجلها قبل أن يدخل في غيبوبة الموت هي "دامت لمين".