إما واشنطن أو طهران.. زيارة أمريكية تربك تحالفات قطر
وكالاتما زالت مساعي الولايات المتحدة لتشكيل جبهة موحدة ضد إيران، الهدف الرئيسي للإدارة الأمريكية بينما يحول استمرار الخلاف الخليجي دون تحقيق الأهداف الأمريكية، وهو ما دفع واشنطن لتجديد دورها في هذا الشأن من خلال زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شنكر، إلى قطر غد الخميس، للدعوة لتعاون دول الخليج في مواجهة إيران، وفقًا لما ذكرته شبكة "CNN" الأمريكية.
وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها اليوم الأربعاء، أن زيارة شنكر، إلى الدوحة ستبدأ من 17 وحتى 19 أكتوبر الجاري، لافتة إلى أن مساعد بومبيو، لشؤون الشرق الأدنى، سيلتقي وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وعددًا من المسؤولين في الحكومة القطرية.
ويسعى شنكر، إلى التأكيد على ضرورة توحد دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة النشاط الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة، وفقا للخارجية الأمريكية.
وتأتي زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي إلى قطر، في ظل استمرار الأزمة القطرية التي تقترب من عامها الثالث بعد أعلنت دول الرباعي العربي لمكافحة الإرهاب "السعودية، الإمارات، البحرين، ومصر، في الخامس من يونيو 2017، قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة بسب تعاونها مع غيران ودعمها للإرهاب، وهو ما تتنصل منه قطر حتى الآن، فيما آثرت الكويت ممارسة دور الوسيط العربي لإنهاء الخلاف.
ومنذ اندلاع المقاطعة العربية، شهدت العلاقات القطرية الإيرانية تقاربًا مثيرًا لغضب كل من دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية، إذ توالت تحذيرات المسؤولين الأمريكيين من مخاطر التحالف القطري الإيراني في المنطقة.
وفي أثناء زيارة أمير قطر تميم بن حمد، إلى الولايات المتحدة يوليو الماضي، دعت العديد من الصحف الأمريكية وخبراء الأمن القومي الأمريكي، الرئيس ترامب، إلى ضرورة الضغط على الدوحة بسبب علاقاتها مع طهران، مشددين على أنه آن الآوان لقطر أن تختار شريكها إما واشنطن أو طهران.
وفي يونيو الماضي، حذر المحلل السياسي الأمريكي جوردن ساشتل، من استمرار التحالف القطري الإيراني في المنطقة، مؤكدًا أنه بات تهديدًا يقف أمام الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في مصر والأردن ودول الخليج العربي.
وقال المحلل الأمريكي في مقال له على موقع "ديلي واير" الأمريكي المحافظ: "قطر وإيران لديهما التزام أيديولوجي مشترك بفرض تهديدات إقليمية"، مضيفًا: "حان الوقت لأن ندرك أن قطر، من خلال تقربها من إيران وحلفائها الإرهابيين، فإنها بلغت نقطة اللاعودة".
وفي يوليو الماضي، قال رئيس مجموعة الدرسات الأمنية الأمريكية جيم هانسون، الرئيس الأمريكي، في مستهل مقاله المنشور على موقع "فوكس نيوز" الأمريكي، إن الرئيس ترامب، يريد أن يرى نهاية لخلاف دول الخليج، وأن يحرك قطر بعيدًا عن إيران.
وأكد، أن ظهور تحالف ثلاثي بين إيران وتركيا وقطر، أمر يتعارض مع المصالح الإستراتيجية الأمريكية، مشددًا على أنه يتعين على ترامب، أن يخبر قطر، بأن تختار شريكًا؛ إما واشنطن أو طهران.
وفي الشهر ذاته، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن الأمير القطري عرض التوسط بين الولايات المتحدة وإيران، وفقًا لمسؤولين أمريكيين وقطريين.
وقال مسؤول أمريكي رفض الكشف عن هويته: "من المعروف أن قطر لها علاقة مع إيران"، مضيفًا: "لا أعتقد أنه سيكون هناك أي دور وساطة رسمي، لكن قد نتطلع إليهم لنقل الرسائل وابلاغهم بخطورة محاولة الإدارة الأمريكية التصعيد، وتمهيد الطريق إلى الحوار".
وفي وقت سابق، قال الجنرال المتقاعد في سلاح الجو الأمريكي، تشارلز والد، إن الرئيس ترامب، لديه فرصة كبيرة للضغط على قطر بسبب تعاونها مع إيران، مشيرًا إلى أنه ينبغي على الرئيس ترامب، أن يخبر أمير قطر أنه ربما يفقد القاعدة الجوية الأمريكية في بلاده إذا لم يقطع علاقاته مع طهران.
وجاء في مقال "والد" المنشور على موقع "إن. بي. سي. نيوز": "يجب أن يقول ترامب الآتي للأمير: ستبقى الولايات المتحدة في قاعدة العديد الجوية وتستمر في الاستثمار فيها في حالة واحدة فقط؛ إذا انضممت مجددًا إلى مجلس التعاون الخليجي وقطعت علاقاتك مع إيران.. القرار لك".
وفي هذا الصدد، قال السناتور السابق جو ليبرمان، رئيس منظمة "متحدون ضد إيران" لشبكة "فوكس بيزنس"، إن "ترامب" لديه الفرصة ليبلغ "آل ثاني"، أنه قد حان الوقت له لاتخاذ القرار؛ مؤكدًا أنه لا يمكنه السير على طرفي الطريق في نفس الوقت.
وعلى الرغم من استمرار الأزمة الخليجية، دون أية مؤشرات إيجابية حول حل قريب، إلا أن مواجهة النفوذ الإيراني، وتشكيل قوى عربية موحدة لمجابهة طهران، تبقى هي الهدف الأبرز والأهم لدى الإدارة الأمريكية حاليًا، وهو ما يفسر -جزئيًا- أحد دوافع التحول الأمريكي إزاء الدوحة.
كما تعد "قاعدة العديد" حجر الزاوية في العلاقات الأمريكية مع الدوحة، إن لم تقتصر أهميتها على استضافة القاعدة الأكبر للولايات المتحدة، وهو ما بدا جليًا في كلمة الرئيس ترامب، أمام أمير قطر، خلال حفل عشاء وزارة الخزانة الأمريكية يوليو الماضي، والذي تمخض عنه تصريح استرعى انتباه الجميع حول توسعة "العديد" بتكلفة 8 مليارات دولار أنفقتها قطر وحدها، ليعلق الرئيس الأمريكي قائلًا: "الحمد لله أنها أموالكم وليس أموالنا".
وعلى الرغم من التحالف الحالي بين الدوحة وطهران خاصة في أعقاب المقاطعة العربية، إلا أن هذا التعاون لم يكلل أية من محاولات قطر للتوسط بين واشنطن وطهران بأي نجاح يذكر، إنما قوبل بالرفض من الجانب الأمريكي، وهو ما أعلنه وزير الخارجية القطري خلال حديث لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وكشف الوزير القطري، أن الإدارة الأمريكية لم تقبل عرض الأمير القطري الأول بالوساطة في الربيع الماضي، مشيرًا إلى أن بلاده الآن، تحاول توضيح الأمر بالنسبة للولايات المتحدة، وصرح قائلًا: "لا يمكننا تحمل أي حرب بين حليفتنا وجارتنا"، في تأكيد قطري جديد على تمسكها بالعلاقات مع طهران.
وعلى الرغم من تحول الموقف الأمريكي إزاء قطر، إلا أن احتدام الخلاف مع طهران يضع الدوحة والنظام القطري بين شقي الرحى، وهو ما دعت إليه العديد من الصحف الأمريكية، مشددة على أنه ينبغي على الرئيس ترامب، أن يخبر قطر بضرورة اختيار شريكها، إما واشنطن أو طهران.