بلقيس الراوي.. مُلهمة «نزار» جمعتهما الصدفة وفرق بينهما الإرهاب
أحمد المالح«شكراً لكم .. فحبيبتي قتلت .. وصار بوسعكم أن تشربوا كأساً على قبر الشهيده وقصيدتي اغتيلت» بهذه الكلمات رثا الشاعر الراحل نزار القباني، زوجته بلقيس الرواي، بعد اغتيالها في عام 1981، في تفجير استهدف السفارة العراقية في لبنان.
بداية قصة حُب نزار وبلقيسقال الشاعر الراحل نزار القباني، عن قصة الحب التي جمعته ببلقيس: «كنت أقدم أمسية شعرية في بغداد عام 1962 وقصتنا ككل قصص الحب في المدن العربية جوبهت بـ«لا» كبيرة جدًا.. كان الاعتراض الأقوى على تاريخي الشعري، وكانت مجموعاتي الغزلية وثائق أشهرها «أهل بلقيس ضدي».
وأضاف نزار في أحد حواراته بمجلة عربية: «أن القبائل العربية لا تزوج بناتها من أي شاعر تغزل بإحدى نساء القبيلة، ولما يئست من إقناع شيخ القبيلة بعدالة قضيتي.. ركبت الطائرة وسافرت إلى أسبانيا لأعمل دبلوماسياَ فيها لمدة ثلاث سنوات، وخلال هذه السنوات الطويلة كنت أكتب لبلقيس، وكانت تكتب لي.. رغم أن بريد القبيلة كان مراقبًا... وظل وضع نزار على هذا الحال حتى جاء عام 1969م، و في هذا العام ذهبت إلى بغداد بدعوة رسمية للاشتراك في مهرجان المربد.. وهناك ألقيت قصيدة من أجمل قصائدي كانت «بلقيس الراوي» بطلتها الرئيسية»، قال فيها:
موضوعات ذات صلة
مرحباَ يا عراق، جئت اغنيك.. وبعض من الغناء بكاء
أكل الحزن من حشاشة قلبي.. والبقايا تقاسمتها النساء
ونشأت علاقة حُب من أول نظرة، لدى الشاعر الراحل، عندما كان يلقي قصيدته في مهرجان بغداد للشعر، فوقع بصره وهو يشدو بقصيدته، على فتاة عراقية في العشرينات، شديدة الجمال، مليحة القوام، تلاقت أبصارهما مرات ومرات فوقعت في قلبه.
سأل عنها نزار، فعلم أنها بلقيس الراوي، تعيش في حي الأعظمية في بيت أنيق، يطل على نهر دجلة، فتقدم لخطبتها من أبيها، ولأن العرب لا يزوجون من تغزل في ابنتهم، لم يوافق وعاد نزار حزينًا إلى أسبانيا حيث كان يعمل في السفارة السورية.
ظلت صورة بلقيس تداعب خياله ولا تغرب عن باله ، لكنه ظل يتبادل معها الرسائل في غفلة من الوالد.
بعد سبع سنوات عاد إلى العراق ليشارك في المربد الشعري وألقى قصيدة أثارت شجون الحضور ، وعلموا أنه يحكى فيها قصة حب عميقة ، فتعاطف معه الشعب العراقي بأسره.
الرئيس العراقي يتدخل لخطبة بلقيس ونزارانتشرت القصة كالنار في الهشيم، حتى وصلت إلى الرئيس العراقي أحمد حسن البكر، الذي تأثر بها، وأرسل لوزير الشباب ووكيل وزارة الخارجية، في حكومته، لإقناع والد بلقيس، بالموافقة على طلب نزار بخطبتها.
بالفعل وافق والد بلقيس، على الخطبة، بعد رفضه قبل أن يطلب منه الرئيس العراقي، اتمام الخطبة، وتزوج بلقيس ونزار عام 1969، وعاشوا أجمل أيام حياتهم.
وبعد عشر سنوات من الزواج والترحال قال فيها قصيدة غناها القصير كاظم الساهر، كان مطلعها :
أشهدُ أن لا امرأة ً
أتقنت اللعبة إلا أنتِ
واحتملت حماقتي
عشرة أعوام كما احتملت
واصطبرت على جنوني مثلما صبرت
وقلمت أظافري
ورتبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال
إلا أنتِ ..
اغتيال بلقيس ورثاء نزار لهابعد أكثر من 10 أعوام من زواج نزار وبلقيس، استقر بهم الحال في بيروت، حيث مكان عمل الزوجة، التي كانت تعمل في السفارة العراقية لدى لبنان، ومقرها بيروت.
وفي 15 من ديسمبر، كعادته ودعها نزار، قبل ذهابها لعملها وعانقها وافترقا، وذهب هو إلى مكتبه في شارع الحمراء، بالقرب من السفارة العراقية.
احتسى نزار قهوته، قبل أن يسمع صوت انفجار، ليقول: «ياساتر ياربي»، وما هى إلا لحظات حتى جاءه خبر مقتل زوجته بلقيس، في انفجار بالسفارة العراقية، هى و61 من العاملين بالسفارة والمارة أمامها.
كتب نزار، فيها قصيدة رثاء لم يكتب أطول منها في حياته، ولا أجمل منها في مسيرته الشعرية هذه قصة الحب والإرهاب، إنها قصة تؤكد أنه ليس للإرهاب قلب، وليس له مبدأ، وليس له إيمان.
فحبيبتي قتلت .. وصار بوسعكم
أن تشربوا كأساً على قبر الشهيده
وقصيدتي اغتيلت ..
وهل من أمـةٍ في الأرض ..
- إلا نحن - تغتال القصيدة ؟
بلقيس ...
كانت أجمل الملكات في تاريخ بابل
بلقيس ..
كانت أطول النخلات في أرض العراق
كانت إذا تمشي ..
ترافقها طواويسٌ ..
وتتبعها أيائل ..
بلقيس .. يا وجعي ..
ويا وجع القصيدة حين تلمسها الأنامل
هل يا ترى ..
من بعد شعرك سوف ترتفع السنابل ؟
يا نينوى الخضراء ..
يا غجريتي الشقراء ..
يا أمواج دجلة . .
تلبس في الربيع بساقها
أحلى الخلاخل ..
قتلوك يا بلقيس ..
أية أمةٍ عربيةٍ ..
تلك التي